إن للقرآن الكريم مكانة عظيمة في قلب كل مسلم، يعتني بتلاوته و تجويده و تدبره و حفظه و مدارسته، و قد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :"خيركم من تعلم القرآن و علمه"، و آيات القرآن كلام الله تتدفق بالمعاني و تغمر من يقرأها بالحكمة و الأنوار، كما قال صلى الله عليه و سلم :"فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم ،هو الفصل الذِى ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله تعالى ومن ابتغى الهدى فِى غيره أضله الله تعالى ، وهو حبل الله المتين , وهو الذكر الحكيم , وهو الصراط المستقيم , وهو الذِى لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ولا تشبع منه العلماء ولا يخلق على كثرة الرد ولا تنقضِى عجائبه"، فكلما قرأ المسلم الآيات و كررها فإنه يرى فيها أوجها و معان متجددة معطاءة.
إن تحصيل المعاني و الفوائد و اللطائف و العلوم التي تنبعث من الآيات يكون في دروس العلم و كتب التفسير و مجالسة الصالحين و حلق الذكر، فهي مصادر متعددة و متفرقة يضاف إليها أنها فوائد و ملاحظات في أبواب متنوعة، فالآية يمكن استخراج ما بها من فقه و عقيدة و خلق و لغة و بلاغة و نحو و صرف و تجويد و ... كل هذا التنوع يدفع المسلم إلى تدوين هذا العلم و تقيده بالكتابة.
دأب العلماء و طلبة العلم على تدوين هذه الفوائد في هوامش مصاحفهم و يظهر هذا في الصورة التالية:
و مع ما ذكرناه من تنوع و تعدد فإن هذه الهوامش تضيق على استيعاب كل ما يدركه المرء، و من هنا جاءت الفكرة: أن يكون لكل منا مصحفا الكترونيا له هامش يمكنه استيعاب أعدادا كبيرة من التدوينات بفضل الله الذي رزقنا هذه التقنيات المتقدمة و التي من شكرها أن نستخدمها في طاعته سبحانه، هذه التدوينات تدرجها تحت أبواب من تصنيفك، فبإمكانك أن تخصص بابا لملاحظاتك في درس الشيخ فلان و آخر لكتاب كذا و الآخر للتفسير و الآخر للخواطر و التأملات و ...
إلى هذه النقطة فإن هامش المصحف يوجد للحريصين على تدوين العلم وسيلة منظمة و سهلة تتيح لهم استرجاع ما كتبوه و طباعته لاستخدامه و مذاكرته، و لكن ما كتبوه يظل محفوظا عندهم لا يطلع عليه الآخرين، ومن هنا جاءت فكرة المدراسة التي أضافت إمكانات الشبكات الاجتماعية إلى هامش المصحف لتكون شبكة مصحفي.
إضافة الجانب الاجتماعي إلى هامش المصحف لم يكن بالقرار السهل فالشبكات الاجتماعية لها مميزاتها و عيوبها و أكبر هذه العيوب أنها تفتح المجال لكل من شاء أن يتكلم في مسألة أن يدلي بدلوه فيها كان عالما بها من أهل التخصص فيها متثبتا منها أم لم يكن فتصبح إضافته إضلالا لغيره و إثارة للبلبلة، و كتاب الله تعالى كتاب عزيز له قدسيته فمن تكلم فيه بغير علم فليتبوأ مقعده من النار، و لذا استقر الأمر على أن ينتقي كل منا شبكته الخاصة من أعضاء مصحفي كي يتدارس معهم كتاب الله و أن ينتقي ما يتم مشاركته معهم، فبإمكانك أن تشارك تدوينا واحدا في هامشك مع من تشاء من أعضاء شبكتك أو أن تشارك كل تدويناتك تحت آية أو سورة أو باب أو أن تشارك المصحف كاملا، و بذا تكون المشاركة منحصرة في من تنتقي لا لكل الأعضاء.
إضافة الجانب الإجتماعي تساعد على المدارسة المتصلة، متابعة ما يشاركك به إخوانك بحيث تحصل كل يوم على معنا جديدا أو معنين جديدين مما يتراكم لديك مع الوقت فترتقي في سلم المعاني عن طريق مجالسة الصحبة الصالحة التي تذكرك دائما بالله.
إن شبكة مصحفي تسعى إلى تغير الأمور التي تتمحور حولها مجادلات المسلمين في الشبكات الاجتماعية إلى الالتفاف حول كتاب الله و استثمار الأوقات في مدارسته عملا بقول النبي صلى الله عليه و سلم: "ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه فيما بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده".